الخوف غريزة طبيعية وهو إنفعال فُطرت عليه نفوس البشر والحيوانات على السواء، مرتبطاً إرتباطاً وثيقاً بالمحافظة على البقاء. والخوف عند الأطفال يجعل الآباء قلقين على مستقبلهم، فالأب يود أن يكون ابنه شجاعاً واثقاً من نفسه لكنه يجد في ولده الصغير كثير من الخوف والرهبة من بعض الأمور أو المواقف.
الخوف عند الأطفال ينقسم إلى قسمين: الأول بسيط بدافع المحافظة على الحياة بغريزة البقاء كالخوف من الظلام مثلاً أو الحيوانات..والثاني يرتبط بصلته بالقائمين على تربيته وهو الشعور بالإثم نتيجة قيامه بسلوك معين لا يرضاه المربي.
الخوف ضروري أحياناً ليكون هناك نوع من الحذر والحيطة تجاه مواقف معينة كالخوف من الإمتحان مثلاً، لأن الخوف سيدفع الطفل نحو المحاولة وبذل الجهد حتى يتمكن من النجاح، كذلك عندما يخطو خطوة جديدة عليه تنتابه بعض المخاوف من الفشل وعدم النجاح، وهنا يأتي دور المربي بضرورة تشجيع الابن ودفعه نحو الأمام ومد يد العون له وتوجيهه.
تثبت الدراسات أن الإناث أكثر خوفا من الذكور، ويبدأ من سن ثلاث سنوات فقبل ذلك إذا وجد طفل حية فإنه سيداعبها ويحاول لمسها، وكلما تقدم الطفل في العمر تزداد مخاوفه إلى أن يصل إلى سن معينة تبدأ تقل فيه المخاوف نتيجةً لحصوله على خبرات أكبر، ولنعلم أن معظم مخاوف الطفل غير موضوعية أي أنها خيالية من نسج خيال، وكلما اشتد الخيال عند الطفل كلما زاد خوفه، فعلى الآباء أن يحاولوا الحد من تلك التخيلات الغير واقعة عن طريق تهدئة الطفل وتعليمه أن هناك فرق بين الخيال والواقع.
بعض الآباء يرتكبون أخطاء كبيرة في حق أبنائهم، فيستخدمون الخوف كوسيلة مجدية لفرض الطاعة عليهم، كقول: لا تأكل الحلوى وإلا ستمرض، لكن الأبناء أذكياء سرعان ما يكتشفون زيف تلك الإدعاءات وبالتالي يفقدون الثقة بآبائهم.
ومن الصعب الفصل بين الخوف والعقاب في تربية الأبناء، إن موقف الطفل تجاه العقاب يجب أن يتصف بالإتزان فلا يصل إلى درجة الرعب والهلع أو إلى درجة اللامبالاة، بل يكون في درجة وسط بينهما لنستطيع تقويم الطفل وتوجيهه نحو السلوك الاجتماعي الأفضل دون أن نفقده الثقة في نفسه نتيجة الخوف أو عدم الاهتمام نتيجة الاطمئنان الكامل والأمان من العقاب.
العلاج:
إذا أردت التغلب على مخاوف ابنك فعليك تركه يفرّغ مشاعر الخوف بعد تعرّضه لموقفِ أفزعه، اتركه يعبر عن نفسه وعن مخاوفه وعن ما كان يشعر دون مقاطعة، ومن ثم محاولة تهدئته ونقل شعور الطمأنينة إليه، كذلك تعريض الابن لذات الموقف الذي يخاف منه تدريجياً مع شيء من الدعابة والمرح، وجعل بعض الأطفال من نفس عمره يتعرضون لذات الموقف ودون خوف حتى يبدأ في تقليدهم، كل ذلك يساعد على تخليص الابن من مشاعر الخوف.
نستطيع الوقاية من الخوف عن طريق إتباع أساليب التربية الصحيحة وتوجيه الأبناء بعطف وحنان وصدق وهدوء بعيداً عن الإنفعال والإستهزاء والتخويف والفظاظة والقسوة والتوبيخ الدائم الذي يفقد الأبناء ثقتهم بأنفسهم.
وفي النهاية فإن الطفل بالتدريج سيتخلص من مخاوفه كلما تقدم في العمر، أما إذا زادت المخاوف بشكل كبير وواضح وتحولت إلى مرض كالرهاب أو الخوف المرضي، فعلينا ألا نتردد في زيارة المختصين في هذا المجال لنأخذ منهم العون والمساعدة.